قصة من واقع الحياة

كان ياسر طفل التاسعة في الصف الرابع
كان نحيل الجسم .أراه دائما شارد الذهن .. يغالبه النعاس
كثيراً .. كان شديد الإهمال في دراسته .بل في ملابسه وشعره.. كراساته
كانت هي الأخرى تشتكي الإهمال والتمزق !! حاولت مراراً أن يعتني
بنفسه ودراسته فلم أفلح كثيراً لم يجد معه ترغيب أو ترهيب !! ولا
لوم أو تأنيب !! فى يوم حضرت إلى المدرسة في الساعة
السادسةقبل طابور الصباح بساعة كاملة تقريباً كان يوماً شديد
البرودة .. فوجئت بمنظر لن أنســـــاه دخلت المدرسة فرأيت
طفلين صغيرين .. نظرت من بعيد
فإذ بهما يلبسان ملابس بيضاء لا تقي جسديهما النحيلين شدة
البردأسرعت إليهما دون تردد وإذ بي ألمح ياسر يحتضن أخاه
الأصغر ( أيمن )الطالب في الصف الأول الابتدائي .ويجمع كفيه الصغيرين
المتجمدين وينفخ فيهما بفمه ويفركهما بيديه
منظر لا يمكن أن أصفه وشعور لا يمكن أن أترجمه دمعت عيناي من
هذا المنظر المؤثر
ناديته : ياسر ايه اللى جابكم دلوقت؟
وليه مش لابسين ملابس تقيلة !! فازداد ياسر التصاقاً بأخيه
ووارى عني عينيه البريئتين وهما تخفيان عني الكثير من المعاناة والألم
التي فضحتها دمعة لم أكن أتصورها ! ضممت الصغير إليّ فأبكاني
برودة وجنتيه وتجمد يديه أمسكت بالصغيرين فأخذتهما معي إلى
غرفة المكتبةأدخلتهما وخلعت الجاكيت الذي ألبسه وألبسته
الصغير أعدت على ياسر السؤال : ياسر ايه اللى جابكم
المدرسة بدرى اوى كده ومين اللى جابكم؟
قال ببراءته : لا
السواق اللى جابنا!! قلت : وابوك قال : بابا مسافر
إلى السعودية والسواق هو دايما اللى بيجيبنا حتى لو كان بابا موجود
قلت : ومامتك !! أمك يا ياسر .. ازاى خرجتكم باللبس
الصيفى ده !؟ لم يجب ياسر وكأنني طعنته بسكين بدأ
ينظر إلى الأرض
ويقول:
أ... أم... أمي... أميـ... ثم استرسل بالبكى !! قال أيمن ( الصغير ) :
ماما عند أخوالي !!!!!!
قلت : وهى سابتكم ليه ..ومن امتى !؟
قال أيمن :
من زمان .. من زمان !!
قلت : ياسر . صحيح اللى بيقوله ايمن !؟
قال : ايوة ماما عند اخوالى من زمان .. بابا طلقها . وضربها .. ومشيت
وسابتنا .. وبدأ يبكي ويبكي !!
هدأتهما .. وأنا أشعر بمرارة المعاناة
وبدأت أنا الآخر بالبكاء ولكن حاولت أن أتمالك نفسي
لكي لا يتاثران اكثر وقولت ماما اكيد بتحبكم .. مش كده !؟
قال ياسر : إيوه .. إيوه .. إيوه .. وأنا بحبها اوى اوى اوى .. بس
بابا !! ومراته !!
ثم بكى كثيرا !!
قلت له : فى ايه انت مش بتشوف ماما يا ياسر !؟
قال : لا .. لا .. أنا من زمان ما شفتهاش.. أنا نفسى أشوفها لو
مرة واحدة !!
قلت : أهو بابا مش بيخليكوا تروحوا عندها !؟
قال : كان بيسمح بس من يوم ما اتجوز مبقاش يخلينا نروح !!!
قلت له : يا ياسر .
مرات بابا زى ماما .. وهي بتحبكم !!
قاطعني ياسر : لا .. لا . ماما احلى.. لكن دى بتضربنا .. ودايما
تشتم ماما عندنا !!
قلت له : ومين اللى بيخلى بالوا منكم !؟
قال : مفيش حد ..

قلت : ومين اللى بيحضرلكم هدومكم واكلكم ؟
قال : الخدامة ..
وساعات أنا !! لأن مرات بابا تمنعها وتخليها تنضف البيت !!
وأنا اللي أجهز هدومى وهدوم أيمن زى النهاردة !
امتلأت عيناي بالدموع فلم أعد استطيع .. !
حاولت رفع معنوياته .
فقلت : بس انت راجل وقد المسؤليه مش كده !
قال : انا مش عايز منها حاجة !
قلت : وليه مالبستش هدوم تقيله الجو برد اوى ؟ قال : هي منعتني !! قالت : خد الهدوم دى وروحوا المدرسة دلوقت
وخرجتنا وقفلت الباب
قدم المعلمون والطلاب للمدرسة .
قلت لياسر بعد أن أدركت عمق المعاناة والمأساة
التي يعيشها مع أخيه : متخرجوش الطابور
وانا حارجعلكم بعد شوية
خرجت من عندهما ..
وأنا أشعر بألم يعتصر قلبي ..
ويقطع فؤادي !
ما ذنب الصغيرين !؟
ما الذي اقترفاه ؟
حتى يكونا ضحية خلاف أسري .. وطلاق .. وفراق !!
أين الرحمة !؟
أين الضمير !؟
أين الدين !؟
بل أين الإنسانية !؟
قررت أن تكون قضية ياسر وأيمن .. هي قضيتي !!
جمعت المعلومات عنهما .
وعن أسرة أمهما ..
وعرفت أنها تسكن في المنصورة !!
سألت المشرف بالمدرسة عن والد ياسر وهل يتابعهم !؟
أفادني أنه طالما كتب له واستدعاه .. فلم يجب !!
وأضاف : الغريب أن والدهما يحمل درجة الماجستير ..
قال عن ياسر : كان ياسر قمة في النظافة والاهتمام .
وفجأة تغيرت حالته من منتصف الصف الثالث !!
عرفت فيما بعد أنه منذ وقع الطلاق !!
حاولت الاتصال بوالده .. فلم أفلح ..
فهو كثير الأسفار والترحال ..
بعد جهد .. حصلت على هاتف أمه !!
استدعيت ياسر يوما إلى غرفتي
وقلت له : ياسراعتبرنى عمك ..
ونحاول نصلح كل حاجة مع بابا..
وانت تبدا تهتم بنفسك بجد !!
نظر إليَّ ولم يجب وكأنه يستفسر عن المطلوب !
قلت له : بابا طبعا بيحبك ..
وعايزك تكون احسن واحد فى الدنيا .. ولازم يحس انك بتحبه ..
ويشوف اهتمامك بنفسك وباخوك
ويلاقيك شاطر فى المدرسة
هزَّ رأسه موافقاً !!
قلت له : نبدا انك تعمل واجبك كويس ..
انا عارف انك شاطر
قال : انا عايز اعمل الواجب .
بس مراة بابا مش بتخلينى اعمل الواجب !!
قلت : مش معقول
قال : لا انا مش كداب هى بتخلينى اشتغل فى البيت
وانضف كل حاجة
صدقنى.
كأني أقرأ قصة في كتاب !!
أو أتابع مسلسلة كتبت أحداثها من نسج الخيال !!
قلت : حاول تحل الواجب قبل ما تروح البيت
رأيته .. خائفاً متردداً .. وإن كان لديه استعداد !!
قلت له ( محفزاً ) : ياسر انا حاديك مكافأة اذا حليت الواجب !!
هى اكتر حاجة انت تتمناها !!
نظر إليَّ .. وكأنه يسأل عن ماهى !!
قلت : حاخليك تكلم ماما فى التليفون !!
ما كنت أتصور أن يُحْدِثَ هذا الوعد ردة فعل كبيرة !!
لكنني فوجئت به يقوم ويقبل عليَّ مسرعاً .
ويقبض على يدي اليمنى ويقبلها
وهو يقول :
دى مكافأة جميلة اوى اوى !! بس من غير بابا ما يعرف !!
قلت له : اطمن بس عايزك تبقى شاطر ..
قال : وعد !!
بدأ ياسر .. يهتم بنفسه وواجباته .
وساعدني في ذلك بقية المعلمين
فكانوا يجعلونه يحل واجباته في حصص الفراغ .
أو في حصة التربية الفنية ويساعدونه على ذلك !!
كان ذكياً سريع الحفظ .. فتحسن مستواه في أسبوع واحد !!!
( صدقوني نعم تغير في أسبوع واحد ) !!
استأذنت المدير يوماً أن نتصل بأم ياسر ..
فوافق ..
اتصلت في الساعة العاشرة صباحاً .
فردت امرأة كبيرة السن ..
قلت لها : أم ياسر موجودة
قالت : ومن عايزها ؟

قلت : الاستاذ بتاع ياسر !!
قالت : أنا جدته . يا ابنى هو عامل ايه ..
حسبي الله على اللي كان السبب ..
حسبي الله على اللي حرمنا منه

هدأتها قليلاً .. فعرفت منها بعض قصة معاناة ابنتها ( أم ياسر ) !!
قالت : لحظة أناديها

جاءت أم ياسر مسرعة ..
حدثتني وهي تبكي !!
قالت : أستاذ ..
ايه أخبار ياسر طمني الله يطمن قلبك !!
قلت : ياسر بخير .. وكويس اوى ..
وهو مشتاق لك

قالت : وأنا اكتر .. واخذت تبكى على ابنها !!
قالت وهي تحاول كتم العبرات : أستاذ )
نفسى اسمع صوته هو وايمن
أنا من خمس شهور ما سمعتش صوتهم
لم أتمالك نفسي فدمعت عيناي !!
يا الله .. أين الرحمة ؟ أين حق الأم !؟
قلت : اطمنى انا حاخليكى تكلميه باستمرار ..
بس عايزك تساعدينى نحاول نرفع مستواه اكتر ..
شجعيه على الاجتهاد .. علشان نغيره للاحسن ..
علشان باباه يعرف انه شاطر ومتفوق
قالت : باباه !! ( الله يسامحه ) ..
انا كنت زوجة صالحة .
لكن مش حاقول غير : الله يسامحه !!
ثم قالت : المهم .
انا عايزة اكلم ولادى !!
قلت : حالاً .. بس زى ما وعدتينى
متتكلميش معاه فى مشاكله مع باباه او مراة باباه!!
قالت : اطمن !
ناديت ياسر وأيمن إلى غرفة المدير وأغلقت الباب ..
قلت : ياسر ..ماما عايزة تكلمك
لم يقل اى شىء.
أسرع إليَّ وأخذ السماعة من يدي
وقال : ماما .. ماما .. ماما
..
تحول الحديث إلى بكاء !!

تركته .. يفرغ ألماً ملأ فؤاده ..
وشوقاً سكن قلبه !!
حدثها .. خمسة عشر دقيقة !!
أما أيمن ...
فكان حديثها معه قصة أخرى ..
كان بكاء وصراخ من الطرفين !!
ثم أخذتُ السماعة منهما .
وكأنني أقطع طرفاً من جسمي ..
فقالت لي : انا حادعيلك ليل ونهار ..
بس متحرمنيش من ولادى !! وبلاش ابوهم يعرف !!
قلت : انتى من النهاردة حتكلميهم كتير !! وودعتها !
قلت لياسر بعد أن وضعت سماعة الهاتف : ياللا بقى يابطل المكالمة دى
مكافأة لك على اهتمامك بدروسك وطارتك ..
ولو بقيت احسن حاخليك تكلمها تانى !!
عاد الصغير .. فقبَّل يدي ..
وخرج وقد ملأ وجهه الصغير ابتسامة فرح ورضى !!
قال : أوعدك يا أستاذ أن انا حاكون شاطر !!
مضت الأيام وياسر من حسن إلى أحسن ..
يتغلب على مشاكله شيئاً فشيئا .. رأيت فيه رجلاً يعتمد عليه !!
في نهاية الفصل لأول ظهرت النتائج
فإذا بياسر الذي اعتاد أن يكون ترتيبه
بعد العشرين في فصل عدد طلابه ( 26 ) طالباً يحصل على الترتيب
( السابع ) !!
دعوته . إليَّ وقد أحضرت له ولأخيه هدية قيمة ..
وقلت له : نتيجتك دى رسالة لبابا ..
ثم سلمته الهدية وشهادة تقدير على تحسنه ..
وأرفقت بها رسالة مغلقة بعثتها لأبيه
كتبتها كما لم أكتب رسالة من قبل ..
كانت من عدة صفحات !!
بعثتها .
ولم أعلم ما سيكون أثرها .. وقبولها !!
خالفني البعض ممن استشرتهم وأيد البعض !!
خشينا أن يشعر بالتدخل في خصوصياته !!
ولكن الأمانة والمعاناة التي شعرت بها دعت إلى كل ما سبق !!
ذهب ياسر .. يوم الأثنين بالشهادة والرسالة والهدية
بعد أن أكدت عليه أن يضعها بيد والدة !!
في صبيحة يوم الثلاثاء ..
قدمت للمدرسة الساعة السابعة صباحاً ..
وإذ بياسر قد لبس أجمل الملابس يمسك بيده رجلاً حسن الهيئة
أسرع إليَّ ياسر .
وسلمت عليه ..
وجذبني حتى يقبل رأسي !!
وقال : أستاذ .. ده بابا .. ده بابا !!
ليتكم رأيتم الفرحة في عيون الصغير ..
ليتكم رأيتم الاعتزاز بوالده ..
ليتكم معي لشعرتم بسعادة لا تدانيها سعادة !!
أقبل الرجل فسلم عليّ ..
وفاجأني برغبته تقبيل رأسي فأبيت فأقسم أن يفعل !!
أردت الحديث معه
فقال : بلاش تزود جروحى ..
كفاية اللى سمعته من ياسر وأيمن عن معاناتهم مع بنت عمي
مراتى
ايوة أنا الجاني والمجني عليه !!
أنا الظالم والمظلوم !!
بس اوعدك أنى حاغير أحوال ياسر وأيمن و أعوضهم عن اللى فات !!
بالفعل تغيرت أحوال ياسر وأيمن ..
فأصبحا من المتفوقين .. وأصبحت زيارتهما لأمهما بشكل مستمر !!
قال الأب : ياريت تعتبر ياسر وايمن ولادك

قلت له : يشرفنى ان يكون ياسر وايمن ولادى !!

بجد تحفه تسلم ايدك فى انتظار الممتع اكتر

نورتى يا
مونى
اتمنى انها تكون عجبتك

جميل

تسلم الايادى

فى انتظار المزيد

وكل ماهو جديد ورائع دائما

مشكووووووورة الك كتير

تقبلو مرورى

نورتى الموضوع يا
جاسمين

حلوة قوي قوي قوي يا فالكون
و الله العظيم جميلة جدااااااااااااااااا
تعرف
المدرس دا بجد انسان
انسان بمعني الكلمة
و بجد با فالكون
انت كل موضوعاتك انسانية جداااااااااااااا
بجد انت نجم

ربنا يخليكى يا بوسى
نورتى الموضوع
ويارب نلاقى ناس كتير زى المدرس ده

يارب و الله يا فالكون
فعلا
لو في منه كمان
كانت الدنيا بقت اجمل بكتيييييييير

بس لازم الدنيا
يكون فيها الخير والشر
الحب والكره
هى دى الدنيا

اكيد لازم
علشان نعرف الخير لازم نعرف الشر
و علشان نعرف معني الحب لازم نعرف معني الكره
لازم
بس نفسي يبقي الخير و الحب اكتر من كدة بكتيييييييير

يارب
بس فى ناس بتلاقى فيهم الحب والكره
الخير والشر
وهم مبسوطين كده
بس انا ولا كرهت ولا بعدت
وربنا يسامحهم
لان جرح القلوب مش سهل
بس انا حافضل احبها برده

اللي بيحب عمره مابيكره
اكيد هاتفضل تحبها
لان الحب دا قدر مافيش مفر منه ابدا
و ربنا معاك يا فالكون و الله
و يصبرك و يخفف حزنك
اللهم آمين يارب العالمين

انا خلاص خرجت من الحزن الحمد لله
شكرا يا بسبوسة

فالكون
الحمد لله انك خرجت من الحزن بسلام
ان شاء الله دايما بسعادة و سلام
يارب
اللهم آمين يارب العالمين