يعيش شمال روسيا وتحديداً مدينة سانت بطرسبورغ هذه الأيام ظاهرة فلكية أخاذة تعرف بالليالي البيض، حيث تزول الحواجز بين النهار والليل وتضيء الشمس كبد السماء حتى ما بعد منتصف الليل.
وتجذب هذه الظاهرة التي تبدأ في الأسبوع الأول من يونيو وتصل الذروة ليلة 23 (الاثنين)، حيث يصل النهار ذروة مداه.. عشرات آلاف السياح من دول أوروبا التي لا تعرف الظاهرة وحتى من الدول الاسكندنافية التي تحدث فيها، نظراً لأن المدينة تقيم احتفالات خاصة تشارك فيها فرق موسيقية روسية وأوروبية في ليلة يزداد ضياؤها بفعل أطنان الألعاب النارية التي تطلق في الفضاء. وتستمر الاحتفالات التي تستقطب مئات الآلاف من الروس والأوروبيين الذين يتجمهرون على ضفاف نهر النيفا وبمحاذاة قلعة بتروبافلوفسكايا لمتابعة الألعاب النارية، والفرق الموسيقية التي تأتي من كل أصقاع روسيا ومن دول أوروبية متعددة، ولمشاهدة فتح الجسور مع انتصاف «الليل»، حيث يزدحم السياح والعشاق في الشوارع حتى بزوغ الشمس التي بالكاد احتجبت عن الأنظار.. فهي تشرق في الرابعة بينما ضياؤها يتواصل حتى ما بعد الثانية فجراً بقليل.
وفي ضوء تزايد الاهتمام بالسياحة في روسيا وفي هذه المدينة، تقام مهرجانات ومعارض وفعاليات عدة، منها مهرجان السيارات القديمة التي تلف شوارع المدينة استعراضاً.
الضياء في المدينة لا يقتصر على الليالي البيضاء، فالمدينة تشع بالثقافة وبالموسيقى، إذ هي تزخر بالمتاحف والقصور والحدائق التي تجتذب آلاف السياح وتعود على خزينة المدينة بملايين الدولارات واليورو الآخذ في التحول الى العملة الرئيسية في روسيا. فسانت بطرسبورغ التي كانت في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر عاصمة لروسيا القيصرية تعج بالقصور الفارهة، ومنها وينتر بالاس الذي كان المقر الرسمي لسكن القياصرة والذي يعتبر، الى جانب كونه تحفة، متحفاً يضم مئات المقتنيات التاريخية واللوحات الفنية النادرة لأشهر الفنانين مثل ليوناردو دافينشي وبيكاسو وفنانين روس.
وهناك قلعة بيتر التي كانت في زمانها وحتى قرن مضى ناطحة سحاب، اذ يقارب ارتفاعها130 متراً، وقد خضعت خلال عام 2007 لعملية تجديد.
متحف الأرميتاج
وهناك متحف الأرميتاج الذي يقع على ضفاف نهر النيفا ويضم بين جدرانه وطبقاته تاريخ العديد من الحضارات، والذي يقال انه يحوي ثلاثة ملايين لوحة والعديد من الكنوز والنفائس.. ومن لم يزره فكأنما لم يزر سانت بطرسبورغ.
ويعتبر وسط المدينة تحفة معمارية تزدحم بالفنادق الغالية الأسعار التي تزدحم صيفاً بآلاف السياح الذين قد يندهشون لدرجة التحول الاقتصادي الذي أصاب الروس، فلا شيء رخيصاً الا الهواء النظيف.
وتعج المدينة بالكنائس التي كانت تفتقد للزوار خلال العهد السوفيتي. ففي كنيسة المخلّص التي تمتاز بقبابها الملونة الشبيهة بقباب الكرملين في العاصمة موسكو تصطف طوابير السياح الأجانب أمام محل بيع الشموع للحصول على شمعة لاضاءتها في بهو الكنيسة أمام تمثالي مريم العذراء والسيد المسيح عليهما السلام.
ويكاد السائح يندهش لكثرة العرائس اللائي يتهادين وسط المدينة وعلى ضفاف النيفا وفي الحدائق والقصور القيصرية لالتقاط الصور التذكارية، وهو تقليد يحرص عليه العشاق، حيث تجري الكثير من مراسم الزيجات في الأماكن الأثرية والسياحية، ولا مانع من مشاركة السياح في الصور التذكارية واحتساء الأنخاب.